تعتبر عملية تبييض الاسنان من العلاجات السنية التي يكثر عليها الطلب في هذه الايام، حيث اصبح الناس اكثر وعيا حول موضوع بياض الاسنان و مظهرها، بل اصبحت العملية نوعا من التباهي و التقليد للاخرين من الاصدقاء و الاقارب الذين قامو بتبييض اسنانهم, حتى ان بعض المرضى اصبحو يطلبون تقليد المشاهير و الممثلين في الغرب من حيث مظهر اسنانهم و درجة بياضها فيما يعرف بابتسامة هوليوود (Hollywood smile) لذلك اصبحت منتجات تبييض الاسنان في الاسواق كثيرة و اصبحت عملية الدعاية و الترويج لهذه المنتجات مصدرا لتظليل الناس و ايهامهم بقدرة هذه المستحضرات على تحقيق ما كانو يحلمون به من ابتسامة بيضاء لامعة كالنجوم.
ما هي الاسباب التي تسبب تصبغ او تغير لون الاسنان؟
– ان العوامل التي تؤدي الى تغيرات في لون السن الطبيعي متعددة و كثيرة و تختلف من حيث لون و شدة التغير في لون الاسنان من البسيط الى التلون الشديد في الاسنان، و على عكس ما يعتقد البعض ان التغير في لون الاسنان يكون الى اللون الاصفر فقط فأن بعض العوامل قد تغير لون الاسنان الى اللون الرمادي او البني او الاسود القاتم او حتى اللون الابيض الطبشوري او الى خليط من عدة الوان.
– و يمكن ان تحدث هذه العوامل اثناء مراحل تكون الاسنان او بعد تكونها و اكتمال بروزها في الفم، كما يمكن ان تحدث في اعمار مختلفة و منها:
1. العوامل الطبيعية المتمثلة في تأثير الطعام و الشراب على لون الاسنان: و هي اكثر العوامل شيوعا و تظهر بشكل واضح عند الاشخاص الذين يكثرون من شرب المشروبات الملونة مثل القهوة و الشاي و النسكافيه و المشروبات الغازية و خاصة اذا صاحب ذلك نقص في العناية بالاسنان و قلة استخدام المعجون و الفرشاة لتنظيف الاسنان.
– هذا النوع من التصبغ يعتبر اخف الانواع و اسهلها من حيث طريقة العلاج و في اغلب الاحيان تعود الاسنان الى لونها الطبيعي عند التبييض.
2. التدخين و الارجيلة: حيث تؤدي الى اصفرار في الاسنان تصعب ازالته، كما تؤدي الى ظهور علامات سوداء شبيهه بالاحتراق او التفحم على الاسنان.
3. التكلسات و الترسبات الجيرية على الاسنان قد تكون سببا في تلون الاسنان، و هذه يكون علاجها سهلا بتقليح التكلسات و ازالتها و صقل الاسنان.
4. عوامل مرضية مكتسبة في الاسنان مثل موت عصب الاسنان و خاصة الاسنان الامامية، نزيف داخل حجرة لب السن، و التكلس داخل حجرة لب السن، و تظهر هذه التصبغات بشكل اكثر شدة.
5. عوامل التقدم في العمر، و تعتبر هذه التغيرات طبيعية؛ حيث تتغير الاسنان مع العمر الى لون مائل للصفرة او اللون الرمادي، و غالبا لا تحتاج علاج.
6. استخدام بعض انواع المضمضة الدوائية للاسنان لفترات طويلة (خاصة التي تحتوي على مادة الكلورهيكسيدين) حيث تؤدي الى اصفرار الاسنان، لكن من السهل علاجها من خلال معجون تلميع الاسنان عند طبيب الاسنان.
7. تغيرات ناتجة عن عوامل خارجية اثناء نمو الاسنان (عوامل تطورية) مثل تفلور الاسنان الناتج عن مياه الشرب التي تحتوي على كميات كبيرة من الفلورايد، او تعرض الطفل لكميات اكثر من اللازم من الفلورايد اثناء فترة نمو الاسنان (في مراحل الطفولة المبكرة)؛ و هذه العوامل قد تكون خفيفة التأثير او قد تكون شديدة في بعض الاحيان بحيث يصاحب التغير في اللون ظهور تشوهات و ثقوب في سطح السن.
8. عوامل دوائية؛ حيث يؤدي استخدام المضاد الحيوي تتراسايكلين عند الاطفال و اثناء فترة الحمل الى تصبغات تتفاوت من الاصفر الى البني الى الرمادي الغامق في الاسنان اللبنية و الدائمة ايضا.
9. عيوب خلقية في تكوين السن مثل نقص التكلس في طبقة المينا التي تظهر على شكل بقع بيضاء او بنية اللون، و امراض مثل تكون الميناء الناقص-Amelogenesis imperfecta و تكون العاج الناقص-Dentinogenesis imperfecta التي يحدث فيها تشوهات في شكل طبقات الاسنان الخارجية و الداخلية.
10. بعض امراض الدم مثل الثلاسيميا و الانيميا المنجلية: حيث يؤدي تكسر خلايا الدم الحمراء داخل حجرة لب السن الى انتاج مواد تسبب تلون السن.
11. عوامل ناتجة عن اخطاء طبية مثل حشوات العصب الموضوعة بشكل خاطىء، و ترك بقايا العصب الميت في السن و بعض الادوية المستخدمة في حشو عصب الاسنان مثل الايودوفورم (Iodoform).
12. حشوات الاسنان مثل حشوة الفضة في الاسنان الامامية؛ حيث تعكس ظل لون رمادي على السن و الحشوات التجميلية التي تغير لونها مع الوقت او التي يوجد تسوس حول اطرافها. و في هذه الحالات يكون الحل سهلا باستبدال الحشوات القديمة بحشوات جديدة موضوعة بشكل جيد بعد اختيار لون الحشوة المناسب للسن.
13. و هناك بعض الحالات التي تكون ناتجة عن اكثر من واحد من العوامل السابقة و عادة تكون هذه الحالات صعبة و تحتاج الكثير من العلاجات.
طرق العلاج
– ان طرق العلاج متعددة و هي في الغالب تعتمد على نوع او سبب التصبغ او التغير في لون الاسنان، و سأذكر هذه الطرق ابتداء من الابسط والاسهل الى اكثرها صعوبة:
1. ازالة التكلسات و تنظيف الاسنان و تلميعها بمعجونة خاصة عند طبيب الاسنان (Scaling & polishing)، في كثير من الحالات تكون هذه الطريقة كفيلة باستعادة اللون الطبيعي للاسنان.
2. استخدام معجون اسنان مبيض.
– تقوم معاجين الاسنان المبيضة على ازالة الصبغات الخارجية على سطح الاسنان بدلا من تبييض السن بحد ذاته، و هنا يجب التنبيه و التأكيد على عدم استخدام اي نوع من معاجين الاسنان المبيضة التجارية دون استشارة طبيب الاسنان؛ حيث ان معظم هذه المعاجين تؤذي الاسنان و تؤدي الى تخديش الطبقة الخارجية للاسنان (المينا) لاحتواء هذه المعاجين على جزيئات دقيقة مخدشة لسطح الاسنان و في هذه الحالة و مع كثرة الاستخدام للمعاجين المبيضة يؤدي ذلك الى تاكل طبقة المينا و ترققها و ظهور الطبقة الداخلية الصفراء اللون بالطبيعة (العاج) و في هذه الحالة يصبح من المستحيل تبييض السن.
3. تبييض الاسنان بالطرق الكيماوية (Bleaching) و هذه الطرق مقتصرة فقط على طبيب الاسنان.
– هناك عدة مواد و عدة طرق تستخدم لتبييض الاسنان كيماوياً، و يعتمد الاختيار على نوع و سبب التغير في لون الاسنان.
• المواد: اغلب المواد المستخدمة في تبييض الاسنان تعتمد على استخدام ماء الاكسجين-Hydrogen peroxide او Carbamide peroxide بتراكيز مختلفة و عادة تكون على شكل جل او سائل يوضع على سطح الاسنان.
• الطرق:
أ. تبييض الاسنان داخل العيادة: و هي افضل الطرق و اكثرها نجاحا من حيث رضى المريض عن النتيجة، و ذلك كونها تتم تحت اشراف الطبيب.
و هناك طرق مختلفة لتطبيقها على سطح الاسنان, الا انه في بعض الحالات الصعبة التي يقررها الطبيب يجب ان تتم عملية التبييض بوضع المواد داخل حجرة عصب السن بعد سحب عصبه طبعا و هذا ما يعرف بـ(internal or non-vital bleaching).
ب. تبييض الاسنان في المنزل: و في هذه الطريقة يقوم طبيب الاسنان بتحضير قالب خاص للمريض Cellulose Tray بعد اخذ طبعة لاسنانه، و يسلمه للمريض مع مواد التبييض المناسبة له التي تكون ذات تراكيز اخف من المستخدمة في العيادة و يعطى المريض التعليمات لكيفية استخدامها.
– حيث تقوم بعض الانظمة على وضع مواد التبييض في القالب الخاص و يضع المريض القالب على اسنانه طول فترة الليل.
– هناك انظمة اخرى يضعها المريض لمدة ساعة واحدة يوميا لفترة 6-7 ايام فقط.
وهنا يجب على المريض مراجعة الطبيب بعدها و عدم تكرار استخدام هذه المواد دون استشارة الطبيب.
ج. التبييض بالليزر: هنا اود ان اشير الى ان الليزر لا يقوم بتبييض الاسنان؛ حيث ان دور الليزر في عملية التبييض هو لتحفيز و تنشيط مواد التبييض الكيماوية (في الغالب Hydrogen peroxide) التي توضع على سطح الاسنان و ذلك لتسريع العملية فقط لا غير، و يجب على المريض ان لا يقع فريسة للدعاية الطبية غير النزيهة في الترويج للتبييض بالليزر و عدم تصديق الوعود الكاذبة ببياض الاسنان الخيالي.
4. الحشوات و الاستعاضات السنية: يُلجأ الى هذه الطرق في الحالات التي يستحيل فيها تبييض الاسنان بمختلف طرق التبييض المتوفرة.
– في هذه الحالة يتوجب تعويض وجه السن متغير اللون اما بوجه تجميلي من الحشوات التجميلية (Composite facing) او بالاستعاضات السنية الثابته المصنوعة من البورسلان سواء كانت قشرة (Veneer) او تيجان كاملة (Crowns)، و هناك طرق حديثة في هذا المجال تقدم وجوه تجميلية لسطح الاسنان في غاية الجمال و الصلابة على حد سواء.
اليكم بعض النصائح المهمة للحفاظ على الاسنان و لونها الطبيعي ومنها:
1. الوقاية خير من قنطار علاج: العناية اليومية بالاسنان باستخدام معجون الاسنان الاعتيادي و الفرشاة؛ ذلك يحمي الاسنان ليس فقط من تغير لونها بل ايضا من التسوس و الالتهابات التي تصيب اللثة و الاسنان.
– لذا انصح المريض باستخدام فرشاة الاسنان و المعجون ثلاث مرات يوميا (الزاميا) و تفريش الاسنان بشكل جيد و من جميع الاسطح و الزوايا بالاضافة لتفريش اللثة و اللسان ايضا، و المقصود بتفريش اللثة هو ان فرشاة الاسنان يجب ان توضع عند اعناق الاسنان بشكل زاوية 45◦ بحيث تغطي اطراف اللثة و تكون حركة الفرشاة بشكل اهتزازي دائري و ليس افقي او عامودي.
2. استخدام الخيط الطبي لتنظيف ما بين الاسنان و هذا يخفف بشكل كبير تكون التسوس بين الاسنان و يمنع تلون هذه المنطقة التي غالبا ما تظهر بلون بني؛ لعدم وصول فرشاة الاسنان اليها. و هناك انواع من الخيط الطبي المبيضة يمكن استخدامها.
3. التقليل من شرب المشروبات الملونة للاسنان و خاصة القهوة و الشاي و النسكافيه و المشروبات الغازية و غيرها. و ان كان لا بد من شربها انصح بالتالي:
اولا: تناول المشروب في اقصر وقت ممكن لتقليل الفترة الزمنية التي تتعرض فيها الاسنان لهذه المشروبات و الامتناع عن عادة الاطالة في شرب فنجان القهوة او الشاي حيث تعتبر هذه العادة العدو الاول للون الاسنان الطبيعي.
ثانيا: يجب مضمضة الفم بالماء لعدة مرات لازالة بقايا المشروب العالقة بالاسنان، و انصح بتأخير تفريش الاسنان على الاقل لمدة 30 دقيقة بعد الشرب او الاكل لاعطاء الفرصة الكافية لاعادة المعادن التي فقدت من سطح السن بفعل احماض الطعام الى السن و عدم فقدانها بالفرشاة.
4. تجنب التدخين.
5. عدم استخدام معاجين الاسنان المبيضة التجارية دون اشراف الطبيب مطلقا؛ حيث ان هذه المعاجين و ان كانت فعالة في تبييض الاسنان مؤقتا الا ان الضرر الناتج عنها كبير و التغير في لون السن يعود مباشرة بعد ايقاف استخدامها.
6. عدم استخدام اي وسيلة تبييض اسنان غير التي ينصح بها طبيب الاسنان مطلقا و عدم الاستماع الى نصائح الناس العامة حول هذا الموضوع.
– حيث تعرضت من خلال خبرتي للعديد من الحالات التي قام بها بعض المرضى باستخدام وسائل غير طبية في تبييض الاسنان و كانت حالاتهم صعبة العلاج و بعضهم كان في حالة متقدمة من تخريش الاسنان و ترقق طبقة المينا.
– من الامثلة على هذه الطرق الممنوعة فرك الاسنان بالملح او الفحم او السواك او كربونات الصوديوم او الليمون و الحوامض او البودرة البيضاء التي تباع في السوق كمبيض للاسنان او غيرها، و انا احذر هنا من عدم استخدام اي منها ابدا لانها جميعا تؤذي الاسنان و تؤدي الى تلف دائم في اسطح الاسنان يصعب علاجه.
7. مراجعة طبيب الاسنان لعرض حالة المريض عليه و الاستشارة حول انسب طريقة لتبييض الاسنان تناسب كل مريض.
– يجب الاخذ بعين الاعتبار ان مواد و طرق التبييض كغيرها من الادوية لا يجب وصفها الا بوصفة طبية من طبيب الاسنان و عدم اعطاء وصفة مريض لاخر حيث ان ما يناسب مريض قد لا يناسب مريض اخر او حتى يضره.
8. العقلانية و المنطقية و القناعة: اقصد بذلك ان يكون المريض منطقي و موضوعي في طلب لون الاسنان التي يرغب بها و عدم النظر الى اسنان الاخرين او محاولة تقليد الغير او الفنانين و المشاهير؛ حيث ان لكل انسان درجة مختلفة من لون الاسنان، فالبعض تكون لون اسنانهم بطبيعتها مائلة الى الصفرة و مهما قامو بتبييضها لن يتغير لونها ابدا بل على العكس قد يزداد لونها صفرة من كثرة استخدام وسائل التبييض.
بالنهاية اؤكد على عدم تقليد المشاهير و الفنانين؛ حيث ان هؤلاء في الغالب تكون اسنانهم صناعية و ليست طبيعية.